من وحى زيارة الوزير

أنا معلم دراسات اجتماعية اعدادى

معلومة ليست جديدة....!

أزعم أنى وعدد كبير من زملائى قد حبانا الله بضمير يقظ

نقصر أحيانا فى مهام وظيفتنا ولا نجرؤ على اعتبار أنفسنا قد أتممنا أعمالنا كما نرجو لها

ودائما فى مخيلتنا تصرفات مدرسينا معنا طوال مراحل دراستنا ونستشعر دائما الفارق

الكبير بيننا وبينهم

زار وزيرنا الهمام احدى المدارس وكانت تلك الزيارة مادة خصبة للحديث طوال المدةالسابقة

الكثير من أولياء الامور والمهتمين بشئون هذا البلد

اعتبروا أن هذه الزيارة بداية لاصلاح حال التعليم

ولكننا لانعتقد أن هناك نية صادقة وحقيقية لاصلاح التعليم فى مصر

لانه لو توفرات هذه النية فخطوات الاصلاح ليست معجزة

لفت نظرى تأييد كثير من المواطنين و أولياء الامور خاصة للوزير لدرجة ان البعض طالب بجلدالمعلمين

مع انى أعرف أن الجلد كعقوبة شرعية يكون على أمور لم يرتكبها أى من مدرسى

( المزبلة)على حد وصف الوزير

احساسنا بالاحباط دفعنى رغم رفضى للفكرة فى البداية ان أحاول الدفاع عن ماتبقى من

كرامة لنا بعد الزيارة الغير الميمونة

لذا كان الاتى

نعمل بالتعليم فى ظروف محبطة

(1)
منهج

أتحدى السادة واضعيه أن يقوموا بالانتهاء من تدريسه فى المواعيد المحددة بطريقة يبتغون

بها وجه الله

أنا أتحدث عن منهج الدراسات الاجتماعية لصفوف المرحلة الاعدادية

أى مدرس مهما كان سنه أو كانت خبرته يخبرنى أنه انتهى منه حسب التعليمات

أعلم مباشرة أنه من أنصار فعل ( الكروته )

بدون مبالغة الشهر الاخير فى كل فصل دراسى انتحار

حصص متصلة

وارهاق لا يوصف

وحنجرة تعاند كى لا تصبح رجالية فى تلك الفترة من العام

ودعوات حارة لنا من مدرسى الاقتصاد المنزلى والتربية الفنية والتربية الرياضية عندما

نستأذن منهم حصصهم لاكمال منهجنا

وأيضا مدرسى المواد الاخرى الذين يخافون من طاقة الحقد بداخلنا عندما يتخيرون سويا

الميعاد المناسب والقانونى للانتهاء من الاستاذ المبجل المنهج ويعرضون علينا حصصهم

لكى ننال نحن أيضا شرف الانتهاء منه(لانهم زهقوا من العيال)

لاحظوا أننى لم أتحدث عن محتوى هذا المنهج

وعن كم الغباء الذى يعترىه و واضعيه أحيانا

لان الانصاف يقتضى اعترافنا بتميزهم أحيانا أخرى

(2)
نظام امتحانات

مهما تحدث الخبراء

امتحانات مصر فى المرحلة الاعدادية تركز على الحفظ والاستظهار

حتى الاسئلة التى تتطلب اجابتها مستويات عليا من التفكير

تكمن مهارة المدرس فى تدريب الطالبات على اسلوب اجابة الاسئلة

وان الكلمة الفلانية لو جاءت فى سؤال

تكون الاجابة كالاتى

ومن منا لم يضطر الى فعل ذلك أحيانا كثيرة

ثم تدخل الطالبة الامتحان

مهازل من الغش المقنن والمنظم والشرعى

أدعى اننى منذ فترة طويلة قد أقسمت الا أسمح به فى اللجان سيئة الحظ التى أدخلها

ومن أسباب تمسكى بالكنترول فى المدرسة رغم انه مكان لا تسكنه الملائكة رغبتى فى

البعد عن اللجان

ودائما أدعو الله ان التحق بالكنترول الداخلى فى أى لجنة خارجية ننتدب للملاحظة فيها

لنفس السبب

الغش وصل لمرحلة ان الطلاب قد امتنعوا عن ابتكار أساليب جديدة للغش

بل جاءوا الى اللجان وهم ينتظرون من المدرس أن يقوم بواجبه فى نقل الاجابات لهم

بعد الامتحان تكون أعمال الكنترول الخاصة بالرصد ومراجعته والرفع

وهنا لنا وقفة مهمة جدا

مطلوب منا كل عام نسبة ما لنتيجة المدرسة والا لن تعتمدالنتيجة من الادارة

نغير النسبة بالرفع طبعا ونعيد النتيجة الى الادارة

فتعود الينا مرة أخرى مع تهديدات عظيمة ان السيد فلان والسيد فلان اصروا ان تكون نسبة

مدارس الادارة هذا العام كذا

أرجوكم لا تطلبوا منى الاعتراض

لانى اعترضت وكثيرا ووضحت ان هذا لا يمكن تسميته الا بالتهريج

(واننا نقفل الكنترول ونروح نقعد فى بيوتنا ومش لازم التعب اللى تعبناه على الفاضى

كل هذا قلته أو فعلته)

طيب والله هقولكم على حاجة

مرة فى الدور التانى فى اخر يوم فى الامتحانات كان عندنا 300 طالبة فى الدور التانى

يعنى تقريبا مدرسة صغننة كده

واوراق امتحان اخر مادة مازالت بتصحح

عارفين حضراتكم كان ناجح معانا كام

7 طالبات

بالظبط كده

أنا كتبت الرقم صح

7 طالبات نجحوا بما يرضى الله

لا

انا مش هقولكم فى النهاية نجح كام

سأترك الاجابة لخيالكم

لكن القرار النهائى ليس قرارى وليس مسئوليتى

وأحمد الله كثيرا انه ليس قرارى حتى لا أضطر الى تحمل تبعاته أمام الله سبحانه

وتكون النتيجة المنطقية نجاح طالبات لا تستطيع الكتابة

فى سنة ما كنت اشرح بمنتهى الاخلاص والانفعال أسباب الازمة المالية فى عهد اسماعيل

للصف الثالث الاعدادى

تعرفون الشعور بالرضا عن النفس ؟

تعرفون الشعور بالتميز؟

وانك هنا قد أديت عملا عظيما

شرحت

وربطت المنهج بالاحداث الجارية

ووضحت

وأعدت الشرح مرات

ورجوتهم أن يوجهوا لك أسئلة

وعندما جاء دورك أنت فى توجيه الاسئلة صدمت من طالبة لم تفقه شىء

رغم المجهود الذى اعتبرته أنت مرضيا

ثم انتهت الحصة وبعدها مباشرة مهمة أخرى

مطلوب منى متابعة الطالبات أثناء كتابة الاستمارات

وفوجئت ان الطالبة المسئولة عن شعورى بالاحباط

لا تستطيع ان تكتب اسم المدرسة صحيحا

وهى فى الصف الثالث الاعدادى وباقية للاعادة أيضا

بمعنى انها قضت فى المدرسة اربع سنوات لم تتعلم فيهم كيف تكتب اسم المدرسة

بمنتهى الحزن اعتذرت لها على تعجبى من عدم استطاعتها الاجابة عن سؤال الازمة المالية

فى عهد اسماعيل

لانه سؤال فى غير وقته ولا ظروفه ولا محله

(3)
متابعات

لو من الادارة أستطيع القول بمنتهى البساطة انها تتمتع بغباء لا نظير له

الناس دى حافظه مش فاهمه

لو اكرمنا حظنا بمتابع بيفهم من الادارة اتخيل أحيانا انه لابد سيعاقب على مايتمتع به من

فهم لطبيعة عمله

نعلم جميعا ان بعض الاعمال الروتينية مهمة جدا ومفيدة لتنظيم العمل وامكانية متابعته

وتقويمه

لكن اختراع اجراءات روتينية جديدة لتكبيلنا شىء غير انسانى بالمرة

متابعين الوزارة فى السابق لانى لم أجربهم حاليا ( اللهم اكفنا شرهم )

كانوا أحسن حالا بكثير

وأكثر تخصصا وفهما

واستفدنا منهم على المستوى المهنى كثيرا

أذكر ان أحدهم كان يشبه البرادعى وحدث موقف بيننا كان موترا لى بشدة

لكنى أشهد انه كان رجلا فاضلا استفدت منه مهنيا واداريا الكثير

(4)

لن أتحدث عن الدفاتر والملفات وملف الانجاز والتعلم النشط والتقويم الشامل لانها

موضوعات مكررة

ولن أتحدث عن المستوى المادى للمعلم

لانى متأكدة انكم تعلمون

ان مرتب الحكومة فى بلدنا مبيأكلش عيش

تبقى بعض الاسئلة

هل معلمى مصر حاليا ليس لديهم ضمير؟

نعم

الاغلبية لاتعرف معنى الضمير من الاساس

لدرجة اننا نتخيل ان كل من ترتبط بمدرس لابد أنها قد تحرت كثيرا وكثيرا لتتأكد أن

ماله سيكون حلالا

هل المدارس أصبحت مجرد مكان شرعى للقاء غير الشرعى بين المدرس والطالب للاتفاق

على الدرس الخصوصى؟

نعم

الغالبية العظمى من المدارس تحولت لهذا الشكل

لكن مدرستى

مش دايما الحقيقة

برغم الكثير من السلبيات لكننا نعتبر من المدارس (الخنقة )

التى يهرب منها المدرسين لان فيها شرح فى الفصل

لاحظوا اننا نعتبر الشرح فى الفصل انجاز وقربى الى الله ونتيه به على غيرنا لانى اعترف

أنه أصبح نادرا

هل الخوف والرعب من زيارة الوزير أصلح من عيوب مدرستنا؟

أصلح بعض الاشياء الظاهرية

(لكن اللى بيشتغل بيشتغل واللى بيستعبط مستمر على حاله)

هل يتوقع فى الايام المقبلة ان تنمى زيارات الوزير الهمام ومتابعيه الضمير لدى المحرومين

منه؟

أنا أعرف الاجابة

استحالة

لذا كانت هذه بعض اسباب اعتراضى على العرض المميز للوزير

لان النتيجة فى النهاية صدقونى

صفر لن يتغير شىء

النقطة الاهم فى كل ماسبق

الا توجد صلاحيات محددة للوزير؟

اليس كل فعل اهمال وتقصير له عقوبة محددة تخص فاعله؟

هل من العدل ان يتخيل مسئول ما انه يمتلك صلاحيات الهية تمكنه من نقل طاقم مدرسة

بالكامل

من خلال مكالمة تليفون

هل عدد عمال النظافة كافى فى المدارس؟

هل مستوى الالتزام والانضباط والاهتمام بالنظافة فى مدارس البنات يساوى مثيله فى

مدارس البنين؟

هل أولياء الامور الحزانى على حال التعليم اهتموا فقط بتربية ابنائهم

هل تهتم لجان المتابعة التى يفخر الوزير انه أطلقها فى وجوهنا

بأى شىء جوهرى وحقيقى وهام فى العملية التعليمية

الهاجس الاساسى لدينا عند تشريف المتابعات

(ياترى هما عايزين ايه)

(أو هيكدرونا ليه المرة دى)

اليست الادارة التعليمية التابعة لها المدرسة المنكوبة مسئولة بصورة حتى ولو جزئية عن

حال المزبلة التى زارها الوزير

الوزير حسين كامل بهاء الدين

زار ادارتنا ورأيته أنا بالصدفة فى الشارع

وطبعا وصلت للخبر للمديرة والزملاء قبل ميعاد المدرسة وشكرونى كثيرا فى الحقيقة:)

واستمر الامر فترة طويلة حتى تهدأ الادارة بالكامل وحتى تنسى المديرة ان تأتى بى لاحكى

لكل زائر للمدرسة ظروف رؤيتى للوزير

(يارب لا أرغب فى رؤية المارشال)

لكن بعد الزيارة عاد الامر الى سابق عهده ولم يتغير شىء

وهنا أسئلة اخرى

هل من حق أى انسان توجيه الاهانات والسخرية من انسان أخر حتى ولو كان مقصرا فى

عمله

هل من حق أى مسئول ايا كان منصبه ان يتخذ قرارات تخص مستقبل وحياة وكرامة بشر

يعملون فى وزارته دون تحقيق

حتى لو كانوا يعملون فى مزبلة

فى حديث الوزير للعاشرة مساء عندما اكتشف تلاعب البعض فى مركز تطوير المناهج

نقلهم لوظائف عادية

هل اخطاء (مدرسى المزبلة) كانت أكثر خطرا من أخطاء هؤلاء الذين تحايلوا واستغلوا

مناصبهم للتكسب غير المشروع

الم يكن من الافضل توجيه طاقات الوزارة لبناء مدارس جديدة تقلل من كثافة الفصول

وتلغى نظام الفترات

أو تطوير المناهج

أو لزيادة مرتبات المعلمين

أو تطوير نظم الامتحانات

أو حتى رفع المستوى المعيشى للبشر الذين يقطنون مصر

ليتمكنوا من توفير غذاء متوازن لابنائهم يمنحهم الفرصة للتركيز واستيعاب المناهج الرائعة

انها بعض الاسئلة

وشرح لبعض الظروف

وتقدير لكل رأى ناقم على طائفة من المعلمين

و(فرحان فيهم)

ولكنى وكثير من زملائى لسنا منهم