عانى المصريون لسنوات طويلة من ظلم الولاة العثمانيين
الا أن فكرة الانفصال عن الدولة العثمانية كانت مستبعدة تماما
لأن السلطان العثمانى أعتبر نفسه خليفة للمسلمين
والخليفة رئيس عام للمسلمين فى شئون الدين والدنيا
ومخالفته وعصيانه ذنب كبير
وفرض العثمانيون على مصر عزلة تكاد تكون تامة
حمت هذه العزلة مصر والبلاد الاسلامية لفترة طويلة من أخطار محدقة
الى تدهور كل أحوال البلاد تدهورا كان سببا فى إستيلاء نابليون على مصر بسهولة
بمجىء الفرنسيين اشتعلت جذوة الوطنية المكبوته فى نفوس المصريين
وكانت الثورات الكثيرة التى قامت ضد الوجود الفرنسى رغم مشروعية أسبابها
لتفريغ الشحنة الوطنية للمصريين التى لم يكونوا يستطيعون إخراجها ضد العثمانيين
ليس لقوتهم العسكرية وإنما خوفا من غضب السلطان ومايتبعه من عقوبات دينية ودنيوية لا يقدرون عليها
وبالرغم من أن الفرنسيين خرجوا من مصر بحملة انجليزية تركية مشتركة
الا أن كثيرا من الحوادث قد اثبتت أن مقاومة المصريين كان لها أبلغ الاثر فى خروجهم من مصر
الخلاصة
أن الفائدة الحقيقية للأحتلال الفرنسى
لو صح أن يقال أن للاحتلال فوائد
وان كان لايدرى ولا يقصد
الفائدة الحقيقية كانت نمو الوعى القومى المصرى
ثم سيكون زعماء الشعب المصرى هم أول من يغدر بهم الوالى المتميز فى سبيل انفراده بالحكم
وبالرغم من أنه نجح فعلا فى التخلص من منافسيه وأهمهم وأخطرهم المماليك
الاأن محمد على ظل يخشى جانب المصريين
خشية محمد على من المصريين جعلته لا يعتمد عليهم كجنود فى جيشه
الا بعدما أعيته الحيل وفشل فى الاعتماد على الجند السودانيين
كان يدرك
أن بقايا الوعى الذى أقض مضجع الفرنسيين وكان سببا فى توليه هو شخصيا حكم البلاد
كان يدرك ان بقايا هذا الوعى لازال كامنا فى نفوس المصريين
الا ان هذا الوعى يمكن أن يستيقظ مرة أخرى
لذا لا بد من حل يمنع المصريين من امتلاك القوة
وكان الحل منحهم مناصب القيادة الصغرى فى الجيش
وهنا كانت بداية الثورة العرابية فى رأيى
ورغم أن المصريين قد أبلو بلاء حسنا فى أخطر حروب استعملهم فيها محمدعلى وهى حروب الشام
الاان الباشا المميزقرر أن تكون المناصب الكبرى من نصيب الضباط الاتراك والشراكسة
بالرغم من جهلهم وحماقاتهم
وجاءت قرارات فرمانى 1841
لتؤكد ماذهب اليه محمد على وحده فى البداية من إبعاد المصريين عن مناصب القيادة العليا
وبالرغم من كراهيتى الشديدة لكل الافكار والسياسات التى نفذها محمد على فى مصر
والتى كان لا يهدف بها فى رأيى الا مجده الشخصى
وتثبيت الحكم لاولاده من بعده
الاأنه يحسب له أنه كان أكثر حكمة وفهم وذكاء من كل خلفائه
يكفيه انه أدرك طبيعة العلاقات بين انجلترا وفرنسا
وفهم الطرق التى يمكن ان تتدخل بها انجلترا فى شئون البلاد
وهنا سؤال ...
لماذا كانت انجلترا حريصة وبشدةعلى التدخل فى شئون مصر؟
لأن الحملة الفرنسية نبهت انجلترا لأهمية موقع مصر الجغرافى بالنسبة لطريق مواصلاتها للهند
وكلنا يعلم مكانة الهند لدى بريطانيا
وكم من الدول أحتلت أو سيطرت أو فرضت عليها اتفاقيات لتأمين هذا الطريق الى الهند
من أجل هذا ولأسباب أخرى كثيرة
ناصبت انجلترا دولة محمد على العداء
وتوالت المحاولات للتدخل فى شئوننا
فى عهد محمد على باءت أغلب المحاولات بالفشل
الا عندما تجرأ محمد على فى أواخر سنواته
وهى اعتبار الدولةالعثمانية بمثابة رجل أوربا المريض
فالدولة العثمانية وقتها كانت مثل رجل عجوز ثرى
ليس له ورثة شرعيين ولكن له أقارب وجيران يتمنون الفوز بما تستطيعه أيديهم من ثروته
و يتبارى الكل فى خدمته واظهار العطف له
وتبادلت الدول الاوربية لعب هذا الدور فترة طويلة
ومنطقيا لن يسمحوا لدولة وليدة مثل مصر فى عهد محمد على
واتفقت الدول الاوربية على ذلك اتفاقات صامتة أحياناوواضحة وصريحة أحيانا أخرى
ولكن محمد على قرر نتيجة لظروف عديدة أن يحارب السلطان العثمانى نفسه
وحقق عليه انتصارات عديدةعجلت بوفاةالدولة المريضة
هذه الانتصارات كان خير بلاغ للدول الاوربية الطامعة فى الدولة العثمانية
فكانت قرارات مؤتمر لندن 1840
التى أجهزت على أحلام ومشروعات ودولة محمد على وأجبرته وماتلتها من أحداث
لم تمنع هذه القيود على كثرتها أعتبار ولاة مصر من أبناء محمد على ولاة مميزين
وانتهت حياة وأحلام محمد على
ولم تحدث تطورات كثيرة فى مصر فى عهدى عباس حلمى الاول وسعيد باشا
أبناء محمد على
اذا نحينا جانبا مشروع قناةالسويس فى عهد سعيد
ولكن عهدى عباس وسعيد كان استكمالا للسقوط الذى استمرت مصر تعانى منه بعد قرارات لندن 1840
وجاء اسماعيل ........